فلله ذاك الموقف الأعظم الذي كمـوقف يوم العـرض بل ذاك أعظم ويدنـو به الجبـار جـلّ جـلاله يباهـي بهم أمـلاكه فهـو أكرم يقـول عبـادي قد أتـوني محـبة وإنـي بهـم بَـرٌ أجـود وأرحم فأُشهــدكم أنـي غــفرت ذنـوبهم وأعـطيتهم ما أمّـلوه وأنعم فبُـشراكمُ يا أهـل ذا الموقـف الذي به يغفـر الله الذنـوب ويرحم فكـم من عتيـق فيه كُـمِّل عتـقه وآخـر يستـسعي وربّـك أرحم وما رُؤي الشيـطان أَغْـيظ فـي الـورى وأحقـر منه عندها وهو ألأم وذاك لأمـر قـد رآه فغَـاظه فأقْـبل يحثـو التُـرْب غـيظا ويلـطم لِـما عاينـت عينـاه من رحمـة أتت ومغفرةٍ من عند ذي العرش تقسم بـنى مـا بـنى حتى إذا ظـنّ أنّـه تمـكَّن مـن بنـيانه فهـو محكم أتـى اللـه بنـيانا لـه مـن أســاسه فخـرَّ علـيه ساقـطا يتهدم وكـم قَـدْر ما يعـلو البنـاء وينـتهي إذا كان يبنيه وذو العـرش يهدم
*.*.*.*.*.*
هل رأيت الناس فيها وقد ظهروا بأجلى صور النقاء والطهر والالتفاف ؟ هل رأيتهم ولباسهم واحد .. ومقصدهم واحد على اختلاف ألوانهم وبلادهم ولغاتهم ؟
أرأيتهم وقد جمعوا بين عظمة الزمان وقداسة المكان .. لسانهم يلهج بالتكبير والتهليل والذكر ؟!!
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه : كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه ، ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه ..
ذاك يوم يعلو فيه سهم الذكر والاستغفار والدعاء واللجأ إلى الله جل وعز..
يا من شرفه الله بوطء ترتبها تقيا نقيا خفيا .. يقول صلى الله عليه وسلم : ( ما من يوم أكثر من أن يعتـق الله فيه عبيـداً من النار من يـوم عـرفة .. وإنّه ليـدنو ثم يُبـاهي بهـم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء )
يا من طَمِع في الرحمة والرضوان .. قال صلى الله عليه وسلم : " يوم عرفة أحتسب على الله أن يُــكفّـر السنة التي قبـله والتي بعـده "
يا من أركسته الغفلة .. وكبَّله الذنب .. وأوجعه الشوق .. دونك بطحاء مكة.. مشعر منى .. أرض عرفات .. لبّي نداء الحق هناك .. وسل الإله نهج اليقين ..
" خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير "
يا وفد الله هلمّوا إليه .. فهُـنا تسكب العبرات.. هُـنا تتنزل الرحمات.. وتُقَال العثرات.. و تستجاب الدعوات.. وتقضى الحاجات.. هُـنا تعتق الرقاب ..
يا وفد الرحمن هنا تمحى الذنوب يا من أقلقه الذنب .. وهنا تفرج الكروب يا من ألمه الكرب.. هنا يُغسل الران عن القلوب .. هنا تتخفف من الأوزار .. هنا تناط الآمال .. هنا تبث الآلام ..
.
إلـهي .. جموع الحجاج والمعتمرين وفدت عليك .. وقد وفدت على كريم .. تبتغي القربى من الرحمن الرحيم .. لبّـوا نـداءك من كـل البقاع .. فاقبـل اللهـم المخطئين منهم والمحسنين ..
إلهـنا .. اقبـل من حبـسه العذر أن يرحل إليـك .. ويسجـد بين يديك .. ارحـم مَن حالـت المسافات بينه وأن يجود بعبراته في حرمك .. أن يغسل قلبه في بيتك .. أن يعـود كما ولـدته أمه من عرفاتـك ..
يقول الفضيل بن عياض لما رأى تسبيح الناس وبكاءهم عشية عرفة ، فقال : أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقا – سدس درهم – أكان يردهم ؟ قالوا : لا ، قال : والله .. للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق ..
وجاء عبد الله بن المبارك إلى سفيان الثوري عشية عرفة ، وهو جاثٍ على ركبتيه وعيناه تهملان فقال له : من أسوأ هذا الجمع حالا ؟ قال : الذي يظن أن الله لا يغفر لهم ..
.
اللهم وقد حُرمنا قصد بيتك فلا تَـحْرِمَـنَّـــا أجر المصيبة في ذلك ..
__________________
[size=16]اللهم إني اصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمد عبدك ورسولك [/size]